الكاتب

الصحافي و المؤلف فؤاد مطر

وطأة نوفمبر الإحتلالين على الأمتين

الرجوع

أُرسلت إلى صحيفة "الشرق الأوسط" 

بتاريخ الإثنين 29/10/2024
الآن وفيما تزداد وضوحاً نوايا وغرض الغرب الأميركي – الأوروبي من صفقة تقديم فلسطين العربية – الإسلامية – المسيحية إحتلالاً وعلى طبق من الخبث عُرف ﺒ "وعد بلفور" وكان من مردود الاحتلال ما تعيشه الأمة من التداعيات الناشئة عن ذلك الوعد المشؤوم والتي بلغت مستوى الفواجع في لبنان حالياً بعد غزة على مدى سنة تليها أُخرى، من حق أهل القرار العربي مطالبة أهل الحكم الإيراني بإنهاء إحتلال الجزر الإماراتية الثلاث والقول لسيد هذا الحكم وحرسه الثوري إن بقاء هذه الجزر في القبضة الإيرانية يشكل ندبة في المشهد العربي – الإيراني الذي بات يحتاج إلى تنقية شوائب فيه تبدأ بترميميْن عاجليْن أولهما تصحيح مسار صيغة الأذرع التي أفرزت ويلات بدليل ما كابده الغزيون وما زالت المكابدة متواصلة ثم ما يكابده شعب "الدويلة" اللبنانية الإيرانية الإلتزام عقيدة سياسية ويحميها السلاح الظاهر منه فوق الأرض والمختزن بعض تحت الأرض وفي مناطق عدة من لبنان وتبين أن أهمية السلاح ليس في تكديسه وإنما في موجبات وقدرات إستعماله، فضلاً عن أن الذراع المستحدثة تحتاج إلى بوليصة تأمين ضد المخاطر على أنواعها، كتلك البوالص التي تسوِّقها شركات التأمين على الحياة أو بوالص التأمين الصحي.. لكن يتبين أن هذه "الدويلة" كانت تفتقد بوليصة التأمين توضح ذلك تداعيات المأساة التي يعيشها شعب تلك "الدويلة" وتنعكس جوانب من المأساة تلك على شعب الدولة اللبنانية الشرعية.
ظروف إنتقال فلسطين العربية – الإسلامية – المسيحية من كيان تديره بريطانيا ذات الشأن الإستعماري العريق القابض على أكثر ديار الأمة إلى كيان يؤسس إحتلالاً (دولة إسرائيل)، قريبة الشبه بظروف ما حدث للجزر الإماراتية الثلاث وفيما الوجود البريطاني حاضر التأثير في المنطقة. وكما أن بداية إحتلال فلسطين وقيام دولة إسرائيل كانت بموجب وعد هو الذي عرف ﺒ "وعد اللورد بلفور" فإن إحتلال إيران للجزر قبل 53 سنة كان بموجب ما يجوز تسميته تشبيهاً "وعد الشيخ خالد" بتسمية "إتفاق" مع إختلاف الدواعي والظروف التي أوجبت ذلك. هنا تستوقفنا مصادفة صدور الوعدين في شهر نوفمبر- الوعد البلفوري بتاريخ 2 نوفمبر 1917 والوعد الإماراتي بتاريخ 29 نوفمبر 1971 - وما عشناه كصحافيين في زمن بداية إحتلال إيران الشاهانية للجزر، حيث أننا الذين كنا نعتمد الإذاعات ومنها القسم العربي من إذاعة لندن لصياغة الموضوعات الإخبارية للصحيفة التي نعمل فيها (هنا تحديداً صحيفة "النهار"). ففي إحدى النشرات الإخبارية ليوم 29 نوفمبر من العام 1971 أن حاكم إمارة الشارقة الشيخ خالد القاسمي أصدر بياناً يوضح فيه ظروف تسليم جزيرة "أبو موسى" إلى "حكومة الأمبراطورية الإيرانية، وأن الدواعي هي "تعويض أبنائنا عن السنوات التي ذاقوا فيها شظف العيش وظروف الحياة الصعبة". وأما نصوص الاتفاق على نحو ما قاله الشيخ خالد القاسمي فكانت الآتية:
"1- إن سكان جزيرة أبو موسى سيظلون خاضعين لتشريع وقوانين إمارة الشارقة ولكن القوات الإيرانية ستحتل قِسماً منها متفقاً عليه. 2- تقسم عائدات النفط المستخرج من الجزيرة ومن مياهها الإقليمية بين الشارقة وإيران بالتساوي. 3- تمنح الحكومة الإيرانية مساعدة مقدارها مليون ونصف مليون جنيه إسترليني للشارقة سنوياً، ويستمر دفع هذه المساعدة حتى تصل العائدات النفطية للشارقة إلى ثلاثة ملايين جنيه إسترليني سنوياً. 4- لا يمس الاتفاق حق الشارقة في السيادة على الجزيرة ويظل علمُنا مرفوعاً فوق مخفر البوليس فيها، وتواصل إدارتنا عملها في جميع الأجزاء التي لا تحتلها القوات الإيرانية. 5- تصل القوات الإيرانية إلى المنطقة المتفق عليها في أبو موسى في وقت قريب. 6- تتولى شركة بتس للغاز والنفط التنقيب عن البترول في الجزيرة وفي مياهها الإقليمية".
من الواضح أن الظروف الاجتماعية والحاجة إلى المال أوجبت عقد هذا الاتفاق غير المحدد بفترة زمنية والبالغة قيمته مليون وثلاثمئة ألف جنيه إسترليني (أي ما يعادل في الزمن الراهن مليار وثلاثمئة مليون)، فضلاً عن أن إيران ذلك الزمن الشاهاني كانت صاحبة الدور المهم في المنطقة. ولكن لكل ظروف إحتلال حتى إذا هو تم بالتراضي نهاية. وهذا ما يجاز مطالبة إيران الثورية تسجيل وقفة كان يفترض إتخاذها لمجرد سقوط نظام الشاه وما رافق الثورة الخمينية من إجراءات، فضلاً عن أن تمسُّك النظام الإيراني بتلك الجزيرة وبالجزيرتيْن الشقيقتيْن "طنب الكبرى" و "طنب الصغرى" وبصيغة الاحتلال ثم تحويل الجزيرة الأكبر (أبو موسى) إلى قاعدة عسكرية وإنشاء مطار فيها وخلاف ذلك من الإنشاءات ذات الطابع الإستراتيجي، يعطي في جانب من مقتضياته إسرائيل حق التمسك بالباطل الذي هو إحتلال فلسطين الذي تم أصلاً بوعد يتشابه من حيث أحوال الوجود الإستعماري وبالذات البريطاني في منطقة الخليج والفرنسي في منطقة المغرب العربي وبصيغة الإنتداب في لبنان وسوريا، ونقول ذلك مع الأخذ في الإعتبار أن إستمرار إحتلال النظام الثوري في الجمهورية الإسلامية الإيرانية للجزر يناقض صيغة أن من يناهض الاحتلال لا يحتل، كما يخالف "شريعة" إنهاء ظاهرة الإحتلالات وعلى نحو ما قامت فرنسا العاقلة بإنهاء إحتلالها للجزائر بعد قرن وثلث القرن من الإستعمار لها، وما يفترض بالمجتمع الدولي وبالذات الأميركي – البريطاني إستحداث حل جذري للإحتلال الإسرائيلي وفي الحد الواقعي من الحل إقامة دولة فلسطينية مكفولة السلام والتطوير من سائر الدول التي ناصرت على مدى ثلاثة أرباع قرن ظالم للإنسانية الباطل الإسرائيلي على حساب الحق الفلسطيني العربي. ويا ليت إخواننا في إيران يعتبرون.
وللإطلالة راهناً على وطأة نوفمبر الإحتلاليْن... بقية كلام.
فؤاد مطر