الكاتب

الصحافي و المؤلف فؤاد مطر

التضليل الدولي... والوضوح السعودي

الرجوع
نُشرت في صحيفة "الشرق الوسط" بتاريخ الأربعاء 25/ 9/2024 يأتي إنعقاد الدورة السنوية اﻟ 79 للجمعية العمومية للأمم المتحدة في ظل أجواء من العلاقات المتوترة بين كبار قوم كوكب الأرض ومتوسطي الحال من القوم الذين أهميتهم في أنهم مثل عود الكبريت الذي يشعل حرائق في دواوين الحكام. وبات الذين يتعاملون مع قضايا الآخرين وكما لو أنهم بيادق في اللوحة الشطرنجية كل يحاول إنهاء التباري إلى الخروج منتصراً... ولكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه. ومن شأن هذه الدورة الأممية بالذات لو إلتقى الجميع وبالذات أولئك الذين زاد تضليل موقعهم عن الحد، في أزمة الصراع العربي – الإسرائيلي التي شاخت إلتقوا في رحاب مقر منظمة الأمم المتحدة منشرحي الصدور وغير متمسكين بخطوات غير محسوبة بدقة إتخذوها فتحولت إلى حالات تراوح بين الإحتراب المتدرج والتلاسن في أدنى مستوى قذاعتها، وبحيث أن تلك القذاعة هذه إنعكست سوء حال على الناس وسمعة الوطن، لكان لقاء إنشراح الصدور أثمر تهدئة مستحبة تندرج وفق النوايا المنزهة عن التكاذب إلى أن صفحة جديدة في العلاقة الودودة ستتصدر المشهد بعد الآن. ولسوء حظ الاستقرار المنشود لا يشارك قادة لهم تأثيرهم في خارطة المخاوف من إنفجار لن يسلم من شظاياه النووية أحد، في حين أن الدورة الأممية الراهنة تشكِّل أفضل فرصة للتلاقي الغربي _ الشرقي – الآسيوي- العربي – الإسلامي- الفلسطيني – الإسرائيلي يدلي كل بدلوه وبقضايا بلده أمام الآخرين لا فرق بين صغار وكبار، ذلك أن القلق في أشد عصْفه في الكبار. وهنا الجميع سواسية ولذا تصبح للتباسط والتشاور جدوى كما يمكن بالتالي نزْع فتائل فلا تتواصل التفجيرات ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية على نحو ما فعلت إسرائيل يوم الثلاثاء 2024.9.17 بتحويلها وسيلة إتصال يحملها مسؤولون أو مدراء شركات ومصارف وناشطون وعاملون في أحزاب وتحديداً هنا "حزب الله" إلى ما يشبه الألغام التي تنفجر لمساً وليس دوساً عليها كما الحال مع الألغام التقليدية. وجاءت الكارثة تفجر غضباً لدى لبنان والحادبين عليه. وما هو أهم من هذا العبث أن التداعيات الناشئة عن التسبب بإعاقة الألوف من الأبرياء جرَّاء هذا الأسلوب من التفجير إلى تصفية قيادات حزبية، أن الشعور السائد لدى الذين يستعملون الهواتف الإلكترونية من موظفين في الدوائر الحكومية وطلاب مدارس وأطباء وممرضين وممرضات ونساء وأفراد عاديين، هو أن تفجير الجهاز الذي يحمله هذا أو ذاك أو تلك ممكن ما دام التفجير الأول حدث، وأن التلاعب الشرير بهذه الإبتكارات التي حدثت لتسهيل الإتصال بين الناس والإفادة المرجوة منها في ساعات الشدة يمكن أن يكون السلاح الأمضى وبأهون السبل. ومن أجْل ذلك لم يعد جهاز الهاتف الإلكتروني في أيدي كثيرين في إنتظار أن تهدأ النفوس وتتلاشى مخاوف الخشية من هكذا وسيلة إبتكرها جهاز المخابرات الإسرائيلي تعويضاً عن إخفاقه في كشف عملية الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا للشهر الحادي عشر على التوالي في عهدة "حماس" السنوارية التي عند ذكْر إسمها يترحم الإسرائيلي على "حماس" المشعلية. في هذه الدورة لن يقف الرئيس الصيني شي جين بينغ وحليفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متحدثيْن ذلك أنهما إعتادا عدم المشاركة، وبغيابهما هذا لن يحظى الرئيس جو بايدن بوداعية له من جانب قطبيْ الشرق المتحدي له بجناحيْه الروسي والصيني. وهذه الوداعية طالما تمناها بايدن بحيث يبدو كبيرا رئاسة الشرقيْن يشاركان في توديع رئاسة لم تعد له، وعلى هذا الأساس فإن مودعيه هم أهل بيته الأوروبي المزعزع الإنسجام مع الإدارة الأميركية إلى أن يتبين الخيط الأبيض الجمهوري من الخيط الأسمر الديمقراطي إلى بعض الساعين إلى الود الأميركي رئيس الهند ورئيس البرازيل ورئيس أوكرانيا التي ما زالت بمثابة اللغم القابل تفجيره للحرب العالمية الثالثة التي ينبه مضيف الدورة أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة من أن تشعل إحدى الحربيْن ، حرب روسيا على الناتو أو العكس أو حرب إسرائيل نتنياهوعلى غزة وتمددها إلى الضفة الغربية وعلى "لبنان حزب الله" التي أخذت صفة الإبادة الإلكترونية، الحرب العالمية الثالثة. وهو تحذير مراقب محايد أثبت منذ الربع الأول من السنة الأولى للحرب البنيامينية على غزة وفلسطين ولبنان أنه مسؤول محايد أثبت منذ الربع الأول من السنة الأولى للحرب البنيامينية على غزة وفلسطين السلطة ولبنان أنه مسؤول محايد ويريد مخلصاً للمنظمة التي هو أمينها العام أن تكون أمينة في موجبات تأسيسها ومضمون مواثيقها وقراراتها. وهذا ما ينادي به القادة العرب من خلال القمم التي يعقدونها ولا تكون الإدارة الأميركية والحكومات الأطلسية عند حُسْن التصرف المحترم مع ما تحويه قرارات تلك القمم من صياغات موضوعية وأفكار تطفىء صراعات وهذا ما بدا خطوة مهمة من المملكة العربية السعودية عندما أبلغ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان وقبْل أربعة أيام من بدء الدورة اﻟ 79 للجمعية العمومية للأمم المتحدة المجتمع الدولي من خلال الخطاب الذي ألقاه لدى لدى إفتتاحه نيابة عن خادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان بن عبدالعزيز أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى ما يؤكد الموقف الكثير الوضوح والثابت ماضياً وحاضراً وإلى حين الأخذ بمضمونه بأنه لا علاقة دبلوماسية مع إسرائيل من دون إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، هذا إلى رفع منسوب الإستنكار ﻟ "جرائم سُلطة الاحتلال الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني...". وعندما يتزامن هذا الموقف مع حلول الذكرى 94 لليوم الوطني فإن التذكير بالموقف السعودي يبدو من خلال الخطاب بأنه بمثابة موقف من الثوابت وأن الإشارة إليه عشية ذكرى اليوم الوطني تعكس جوهر موقف المملكة من القضية الفلسطينية والذي لهذا الموقف حيْز رحب في صمود السعي من أجل أن تنال القضية حقها المثبت دولياً وعربياً وإسلامياً في قرارات القمم والمنظمات الأممية. تلك مجرد خواطر وهوامش عشية بدء دورة يتمنى الإنسان إبن الله حيث وُجد في أي أرض من بقاع القارات الخمس أن تؤسس لعهد يسود فيه السلام على الأرض ولا يواصل بنيامين نتنياهو والذين يساندونه مالاً وسلاحاً ومواقف العبث كما يريد... وفي أي وطن يشاء. فؤاد مطر