الكاتب

الصحافي و المؤلف فؤاد مطر

ضوء الشرفة الأخضر.. وضباب الباب الأعلى

الرجوع

نُشرت في صحيفة "الشرق الأوسط" 
بتاريخ الأحد 26/9/2021

في إستمرار كان الأسبوع الأخير من شهر الصيف (أيلول/سبتمبر) يعني الكثير بالنسبة إلى اللبنانيين الذين يوازنون بين دول صديقة تريد وطنهم مستقِراً ومزدهراً ومتعايشاً على أهدأ ما يكون عليه التعايش، وبين مَن يريدونه ملعباً يتقاذفون ثوابته لأغراض في نفس يتطلع أصحابها إلى مشاريع أقرب إلى مخططات وضع اليد. ففي مطلع الأسبوع المشار إليه تحل ذكرى اليوم الوطني السعودي وتشكِّل الذكرى تلك منذ بداية إستقلال لبنان وإزدهار العلاقة اللبنانية- السعودية في زمن ركنيْ الميثاق الوطني بشارة الخوري ورياض الصلح عام 1943 ثم سنة بعد سنة إلى أن دخلت الذكرى تسعينيتها، خير مناسبة لكي يتمنى اللبناني الحريص على عروبته وولائه للوطن وإدراكه لما يحاك ضد هذا الوطن من خلال مشاريع غير واقعية، ومن دون إستثناء مذهبي على آخر من الجمع العريض، الخير للمملكة التي ما أصاب لبنان مكروه إلاّ وكانت نخوتها تسبق طلب معالجة المكروه الذي بات مكاره من كل نوع في الحاضر الكئيب الذي يعيشه اللبنانيون تظليماً جائراً من جانب أهل السُلطات الرسمية والحزبية والحركية والتيارية لهم,

ومثلما أنه لم يحدث أي تلكؤ من جانب المملكة في مواجهة أي محنة، فإنه لم يسجَّل يوماً أن المملكة وفي كل عهود أبناء الملك عبدالعزيز طيَّب الله ثراه الذي داوم يوصي بالإهتمام بالأشقاء العرب، أن كان في مناسبة نكران جمائل، هنالك بالكلام وبالصور تذكير بما قدمت هذه المملكة. وحتى في ذروة نكران جمائل فلسطينية وعربية من جانب البعض فإن المملكة في عهود الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رحمة الله عليهم وفي عهد خادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان بن عبدالعزيز سدد الله خُطاه وعزز مراكز الإغاثات السلمانية عربياً وإسلامياً، إعتبرت إسداء واجب المساعدة في زمن الشدة "فريضة سادسة"، ومن دون التوقف عند أطراف قالت من الكلام ما ليس من اللائق قوله.
في الذكرى التسعين لليوم الوطني السعودي عكست الإحتفالية التي أحسن وليد بخاري سفير خادم الحرميْن الشريفيْن الإختيار بإقامتها في رحاب المتحف الوطني اللبناني بغرض تذكير اللبناني بسيادته وبتراث عريق لا تلغيه الظواهر والمظاهر غير المستحبة. ولم يسجَّل في كتاب الإحتفالات الوطنية الرسمية اللبنانية منها والدبلوماسية العربية والأجنبية أن أخذت إحتفالية من الرقي والمشاركة ما أخذتْه إحتفالية الذكرى التسعينية التي سجل فيها اللبنانيون المتجردون المنزهون من الولاء الخارجي أفضل تحية وتهنئة للشعب السعودي وللقيادة بركنيْها ركن الحكمة في شخص الملك سلمان والركن الواعد والمجدِّد في شخص وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يتطلع اللبناني إلى أن يكون لبنان حاضراً في رحاب إهتمامه كمحب لهذا الوطن على نحو ما هي المشاعر التي في نفس والده الملك سلمان ماضياً ودائماً طوال نصف قرن وحاضراً حيث يعيش الوطن، الذي في تاريخه بصمة سلمانية، أعتى المحن.
وإذا كانت الذكرى الواحدة والتسعين لليوم الوطني حلت في زمن لبناني عابق بالظلامية الرسمية والظلام والبؤس والإذلال والكلام غير اللائق والجحود الذي يأباه العقل، ولم يتسن للجمع اللبناني العريض تسجيل مشاعر التهنئة كما حدث في الذكرى التسعين، فإن هذا لا يعني أن هذا اللبناني الصافي النية الحامد الشاكر لم يتمنَّ بينه وبين نفسه الخير للمملكة في ذكرى يومها الوطني الواحد والتسعين متطلعاً إلى عودة الزمن اللبناني- السعودي الودي الذي كان في إستمرار زمن خير وإستقرار وطمأنينة، قبل إتفاق الطائف الذي أنقذ وبعد هذا الاتفاق الذي من خلال حرص المملكة بدأ لبنان يستعيد رونقه.
وما كان اللبناني يتمناه في قرارة نفسه وإن هو لم يفصح عنه، أن يغتنم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مناسبة الذكرى الواحدة والتسعين لليوم الوطني السعودي، فيتوجه إلى الرياض أولاً وقبل باريس بغرض التهنئة التي كانت ستبدو إستثنائية وغير مسبوقة بمعنى أن رئيس حكومة لبنان لا يهنىء بالذكرى من خلال برقية يبعث بها أو حتى إطلالة من جانبه على إحتفالية تقيمها سفارة المملكة، وإنما يذهب شخصياً للتهنئة أولاً مصرحاً لدى وصوله بذلك ثم ليشرح ما خفي من مماحكات ترؤسه الحكومة، ثم مصرحاً أيضاً بالتمني على القيادة السعودية ملكاً محباً للبنان مداوة وعكته الصعبة، ووليّ عهد مأمولاً منه شمل لبنان الوطن وليس الأشخاص بإهتمامه وتوجيه الدعوة إليه لزيارة وطن أوصى به الجد خيراً وتعاطفاً وعمل الأعمام الملوك وكذلك الأمراء وصولاً إلى الملك الوالد بالوصية.
ونحن عندما نقول أنه كان مأمولاً من الرئيس ميقاتي أن يفعل ذلك فعلى أساس أن ضباب وقفة الباب الأعلى فرنسا الرئيس ماكرون ينقشع لمصلحة لبنان في حال أن الصديق الفرنسي لمح ضوء الشرفة الأخضر للشقيق السعودي. والله الهادي.

فؤاد مطر